تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
90654 مشاهدة
استخراج الخلق من ظهر آدم وأخذ العهد عليهم

أخرج فيما قد مضى من ظهــر
آدم ذريتـــه كالـــــــــذر
هكذا جاء في حديث: أن الله استخرج ذرية آدم من ظهره كالذر وأخذ عليهم العهد، وأنه استنطقهم: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى والآية فيها كلام طويل آية الأعراف: وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وفي قراءة ذرياتهم وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ إلى آخره، فيها كلام ذكره شارح الطحاوية وغيره.
أخرج فيما قد مضى من ظهـــر
آدم ذريتـــــه كالـــــــذر
وأخذ العهــد عليهـم أنــــه
لا رب معبـود بحـــق غــــيره
أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ يعني: معبودكم قَالُوا بَلَى هذا هو العهد الأول.
ثم بعد ذلك قد ينسون وقد يغفلون عن ذلك العهد الذي أُخذ عليهم وهو الفطرة؛ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ؛ فلأجل ذلك أرسل الله -تعالى- الرسل، يقول:
وبعد هذا رسلـه قــد أرســلا
لهم وبالحــق الكتــاب أنــــزلا
أي أنهم قد يغفلون عن ذلك العهد، وقد لا تدل فطرتهم على ما خلقوا له، وقد يغير فطرتهم من يربيهم، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم - كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه، كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء ؛ يعني أنه يولد مستعدا لمعرفة ربه بفطرته، لو تُرك وتلك الفطرة لعرف الحق، وآمن به؛ ولكنه يأتيه من يغير فطرته، ويحرفها، ويصرفها؛ فلأجل ذلك أرسل الله -تعالى- الرسل،